اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا UOIF
هو منظمة كبيرة تضم مجموعة من الجمعيات يقال أنها تابعة فكريا لجماعة لإخوان المسلمين المصرية. في سنة 2014، وضعت دولة الإمارات هذه المنظمة في لائحة المنظمات الإرهابية الدولية المعادية لها.
تأسست النواة الأولى لمنظمة الـUOIF في شهر مارس سنة 1983 على يد ثلاث طلاب من المشرق العربي، هم أحمد محمود من مصر ، وُلد في المنيا سنة 1947، و زهير محمود من مواليد الموصل بالعراق سنة 1952، وكانا يدرسان الهندسة، ومحمد خلدون باشا من سوريا ، ولد سنة 1955. كان يدرس الطب في جامعة بزانسون Besançon . والتحق بهم فيما بعد مهندس يَمَني يدعى عبد الرحمان بافاضل من مواليد سنة 1948 في حضرموت ، وانضم إليهم أخيرا بعض الطلبة التوانسة . ويجدر بالذكر أن هذا الإتحاد الناشئ لم يضم في نواة تكوينه الأولى أي مغربي ولا جزائري ولا تونسي.
بعد سنة واحدة من تأسيسه، ضم الإتحاد 31 جمعية إسلامية، تنتمي أصول أعضائها إلى تركيا و دول المغرب العربي… وبلغ الإتحاد أوج توسعه وازدهاره في مطلع التسعينات. وسيطر عليه فيما بعد بعض المغاربة مدعومين من قنصليات المغرب. وحينها بدأت الإنقسامات تتشعب في وسط الإتحاد، فقرر بعض الأعضاء الإنشقاق وتأسيس اتحادات أخرى.
عندما تصدّع اتحاد الـ UOIF، خرج من رحمه مجموعة من المنظمات مثل الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا FMNF ويشرف عليها مسلمون من أصل فرنسي، وتفرعت أيضا منظمة خاصة بالأتراك لتكوّن فيما سوف يعرف بالإتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية DITIB، وسوف تتدخل تركيا لدعمه وتمويله وتزويده بالأئمة والدعاة في كل شهر رمضان.
بعد تشتت جمعياته ، وجد الإتحاد UOIF نفسه وحيدا، مكوَّنا من ستة جمعيات فقط، وافتقد الدعم المادي والمعنوي، فقرر أعضاؤه اللجوء إلى أحضان منظمة رابطة العالم الإسلامي التي يوجد مقرها في جدة، بالمملكة العربية السعودية. دعمت رابطة العالم الإسلامي اتحاد UOIF بالمال. ومالت الكفة الإيديولوجية للإتحاد من فكر حسن البنا إلى فكر محمد بن عبد الوهاب. شهد الإتحاد قفزة كبيرة بفعل تدفق المال الخليجي، وانتعش نشاطه وازداد توسعه، فقرر بناء عدة مساجد كبرى في كثير من المدن الفرنسية.
حدثت القفزة الفعلية الكبرى لمنظمة الـUOIF في بداية التسعينات أيام حرب الخليج، حيث استطاع أعضاء الإتحاد انتهاز الفرصة بكل ذكاء ودهاء لتعبئة وتحسيس المسلمين في فرنسا للوقوف صفا واحدا مع الكويت والسعودية والعالم الغربي ضد العراق. وعرف ساسة الكويت والسعودية كيف يقدّرون موقف أصحاب الUOIF فكافؤوهم على مواقفهم بدعمهم بالأموال والكتب والمنشورات. وكانت الأموال تأتيهم غالبا عن طريق هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التي مقرها في جدة ، و عبر مؤسسة الاعمال الخيرية لعمارة المساجد بالسعودية، وعن طريق الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت، التي أطلق فكرتها يوسف القرضاوي ،أحد مرشدي الإخوان المسلمين.
يتكتم أصحاب الإتحاد كثيرا على مصادر تمويلهم ، وتغمض الدولة الفرنسية أعينها عن التمويل الخليجي لئلا تغيظ السعودية وجارتها الكويت، لِما لفرنسا فيهما من مصالح استيراتيجة واقتصادية يعرفها أهل الإختصاص.
وظل الدعم المالي الخليجي اللامحدود يتدفق على أصحاب إتحاد الـUOIF. وحُرِم أصحاب الجمعيات والمنظمات الإسلامية الأخرى من تلك الميزات، لكونهم لم يمتلكوا تلك الحنكة والنظرة الثاقبة للأمور التي ميّزت مسيّري الإتحاد.
بفضل أموال الخليج ، يتولى إتحادUOIF رعاية بعض المساجد والمدارس والجمعيات وتمثيلها لدى مؤسسات الدولة الفرنسية ، و يقيم مؤتمرا سنويا عملاقا في ضاحية باريس ، لوبورجيه LEBOURGET ، في شهر مارس- ابريل من كل سنة ، ويلتقي في هذا المؤتمر الكثير من المفكرين المسلمين وعلماء العالم الاسلامي ويلقون فيه محاضرات متعددة المواضيع والتخصصات. و يُعتبر هذا اللقاء السنوي مصدر اعتزاز كبير لمسلمي فرنسا حيث يفتخرون فيه بنوع من الوحدة – ولو شكليا – ويدْعون الإعلام لتصويره وتقديم التقارير عنه في القنوات الفرنسية. لكن الإعلام الفرنسي كثيرا ما يتجاهلهم بسبب الضغط القوي من اللوبيات الصهيونية المتنفذة في الإعلام. لكونها لا تريد أن تقدّم صورة وحدوية للمسلمين.
و يمثل مؤتمر “لوبورجي Le Bourget ” السنوي معرضا تجاريا هاما تُعرض فيه الكتب التي تهتم بالثقافة الاسلامية والعربية وتُعرض فيه أنواع الالبسة والاطعمة وشتى التجارات. ويزوره الكثير من المسلمين وغير المسلمين من جميع دول أوروبا المحاذية لفرنسا وفي بعض السنوات يصل عدد الزوار ما يربوا على مائة ألف نسمة على مدى ثلاثة أيام هي الجمعة والسبت والاحد.
و يدير اتحاد المنظمات الإسلامية UOIF معهدا للتعليم يدعى رسميا بـ المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية IESH ويقع أحد فروعه في باريس . تأسس هذا المعهد في يناير 2001 وهو يدرِّس مرتاديه اللغة العربية والشريعة الاسلامية والقرآن الكريم كما يعمل على تكوين الائمة ويقدم بعض دروسه عن طريق المراسلة.
ينشر المعهد بعض المنشورات والكتيبات الإسلامية باللغة الفرنسية تعبر في الغالب عن وجهة نظر الاتحاد حول الإسلام.
في سنة 2017، صوت الإتحاد، على تغيير اسمه من ” اتحاد المنظمات الإسلامية” ليصبح اسمه الجديد : ” مسلمو فرنسا” Musulmans de France
ملاحظة (كل ما ورد في هذا المقال، مقتبس من كتاب ” فرنسا التي رأيت” لمؤلفه محمد عبد الله ولد المرواني)